لم يخطر في بالي انا أتجاوز الاربعين بسبع سنوات ونصف انني سأقع هكذا دون مقدمات، أسير حب طاغ لا يعرف الرحمة أو الشفقة.. ها انا اسلم واستسلم من النظرة الأولى.. اقف حائراً مأخوذاً وكأنني أقرأ الفاتحة على روح الهدوء والاستقرار...
بكل زهو العشرين ربيعاً تقف.. ملساء، ميساء، أخاذة بالألباب.. عيناها يا سبحان الله، تزفان العسل بإغراء لا يمكن أن يشبهه أي إغراء.. شفتاها.. كفاها.. شعرها؟؟ لا يستطيع أن أصفها كما يجب .صورتها أحلى من أي وصف أو تعبير..
حتى أبرع الشعراء، لايستطيع إيفاءها حقها مهما أوتي من مقدرة على الوصف ..
قبل أن أراها ..كان كل شيء يسير كما كان من قبل.. اخرج من البيت.. أودع الزوجة بقبلة صارت مع مرور الزمن باردة لا تمثل أي معنى.. أحياناً تتبعني الزوجة حتى الباب.. أودعها بتلويحة من يدي.. أضحك بافتعال ممجوج.. تضحك هي بآلية.. وبعد أن تغلق الباب ورائي، تذهب - كما اعرف تمام المعرفة إلى المطبخ لتبدأ دورة يوم جديد.. تجلي.. تمسح.. تغسل.. تطبخ.. وفي بعض الأيام الاستثنائية ربما، تمشط شعرها، وتضع بعض الزينة.. لكنها في كل الأحوال، تصل إلى آخر النهار منهكة متعبة، لترمي جسدها على الفراش وكأنها تقر بأنها قد كبرت..
اضع خطواتي على الرصيف.. التقي الوجوه التي أصبحت اعرفها حق المعرفة، اتخيل أحياناً أنها وجوه آلية، ذات ملامح جامدة... القي التحية.. اهز رأسي وكأن رقبتي متصلة بنابض كهربائي.. نظراتي تستطيع أن تقول الأشياء قبل الوصول إليها.. وهذا ليس سراً وطنياً أو قومياً على كل حال - أن تصف كل صغيرة أو كبيرة، بعد أن طال التحديق في كل شيء، حتى صار آلياً مع الزمن ..
لاادري كم من السنوات مرت أنا اسير في هذه الشوارع والحارات ..كم من السنوات انقضت، وأنا القي التحيات التي لا تتغير.. المفردات هي هي، بموسيقاها، بنبرة الصوت، بصورة الحروف... صحيح أن كثيرين من الذين اعرفهم قد تغيروا، وتبدلوا، من شباب إلى شيوخ، ومن أطفال إلى شباب.. وهناك من ترك هذه الحياة، ورحل.. لكن حين ادقق في المعنى الحقيقي للأشياء، ارى أن الزمن حبيس لحظة واحدة، تعيد الصور وتكررها إلى ما لا نهاية..
غريب أن افكر بكل هذه الأشياء الآن، غريب حقاً أن تنفلت الصور رغم رتابتها هكذا دفعة واحدة.. هل كان علي أن انظر بكل هذا التحديق المخيف إلى سنواتي التي مضت؟؟ كنت ارى كل شيء مناسباً، أو على أقل تقدير، كانت الأمور مريحة.. ما كان علي أن افكر، مجرد تفكير، بما يحدث.. كانت الأيام، الشهور، السنوات تمر... كل شيء يمر.. الأولاد يكبرون.. الزوجة تقف أمام الباب وتلوح بيد باردة.. ودائماً، امضي برتابة.. اضع خطواتي على الأرصفة.. الشوارع.. الحارات... كل شيء كان ثابتاً، هادئاً ، محايداً.. وقد تعود.. فلماذا تغير كل شيء الآن؟؟
عندما اعرف عن الأشياء التي تصبح ذات وقع محدد.. عن الأنفاس التي تتردد برتابة ونظام... وقتها، اشعر بالاختناق، ينقبض صدري.. تضيق شراييني.. حاولت أن اسحب نفساً طويلاً، فما استطعت .كأن الهواء عندها لم يكن كما كان دائماً.. لكن الأزمة كانت عابرة.. مر كل شيء وانقضى لتعود الحياة إلي سيرتها الأولى...
وهاانا الآن اقف عند مفترق طرق.. ما تعودت أن يكون هكذا.. هل غيرت الحياة سيرتها فجأة؟؟ في العشرين كانت.. جميلة مثل حلم.. رائعة مثل خيال جامح.. البدر يغار منها.. فجأة أخرجتني من رتابة الأيام، وأصرت على الانزراع في دقات قلبي.. .. صفعت كل شيء وقلبته... . انسحبت كل الأشياء القديمة وسقطت مثل أوراق صفراء من ذاكرتي... وكنت قد تجاوزت الاربعين بتسع سنوات ونصف ..كانت في العشرين.. مثل طيف أو خيال، أو سحر مرت.. أسرعت، فأسرع ثلج السنوات يذوب.. الشمس تسطع في سماء المفرق وتطلق العنان لكل خيالات وصور الجمال.. شعرها مثل شلال.. موسيقى.. التفتت... نظرت في عيني، وضحكت.. عندها قهقهت سنوات العمر فرحاً، وانفلت دولاب الزمن راجعاً إلى الوراء.....
شعرت انني في العشرين.. أو الثلاثين ..نظر بعض المارة إلي، فما اهتميت.. كان كل ما لدي من شوق وحب وجوع، يعود إلى أيام مضت ايا خلت.. قلبي ينبض بالحياة والحيوية والشباب... لا شيء يشبهني عيناها تنقطان عسلاً ودفءاً، شفتاها تطلقان أصفى ضحكة في هذا الوجود.. صرخ صوت في داخلي: " الحياة رائعة.. لماذا نصر على أن ننظر إليها بكل هذا الملل والقرف ؟؟"
واقول" لماذا لماذا...؟ ننهي أعمارنا قبل النهاية بكثير.. ونسير في الشوارع داخل جثث.. كأننا داخل علب منتهية الصلاحيه... اليس هذا حرام..."..
كانت في العشرين... اقتربت.. الخطوات تطرق الشارع على خط واحد.. قلت:" ما اسمك "؟؟ رن السؤال واستطال مثل موسيقى مشاغبة.. كانت في العشرين، ووقفت.. كنت في أجمل ساعات العمر، ووقفت ..وقف العالم كله.. السيارات الإشارات الوجوه الخطوات. وحدها كانت أميرة الزمان والمكان.. في عيني تماماً نظرت.. احمرت وجنتاي... لأول مرة منذ فترة طويلة، طويلة، تحمر وجنتاي... قلبي المتعب، أو الذي كان متعباً من قبل، أخذ يرقص رقصة جميله تهز كياني لا مثيل لها... بلعت ريقي كأنني طفل في ساعة امتحان... . قلت:" ما اسمك بالله عليك .. نظرت إلي وفي عينيها كل الزهور والورود وربيع البساتين، وقالت" لماذا تريد أن تعرف اسمي "؟؟ صوتها عزف ساحر، قلت:" انك رائعة جميلة إلى حد أخاذ.. اسمك لاغير.. اسمك"؟؟ ضحكت، فامتد العمر شواطئ حب لا نهاية لها.. قالت وهي ترسم ينبوع ألق:" أمل اسمي أمل" وانسحبت ..مضت.. لا ادري متى عدت إلى الشارع وإشارات المرور والسيارات والوجوه... كانت قد اختفت.. لكن العبق الساحر بقي في كل مكان.. شعرت أن الحياة تنبض ..أن القلب يضحك.. عندها سرت في الشوارع والحارات وانا اغني واصفر واضحك.. وكانت ابتسامتي ترتسم على الشفتين وردة لا تعرف الانطفاء...
هل جف نبع الحب لدينا نحن الاربعينيون والخمسينيون الا يحق لنا ان نحب ام مضت بنا السنون
الا يعلموا انا وفي هذا العمر ان احببنا اخلصنا وسنكون اطفالا بين ايديهن
الا يعلمون باننا سوف نسخر كل ما بقي من حياه لاسعادهن
الا يعلمون باننا لم نعرف يوما الجل والبنطال الساحل ولا اليسا وشيرين
ما رأيكم يا ابناء وبنات الثلاثين والعشرين
القلب اخضر اخضر اخضر
بكل زهو العشرين ربيعاً تقف.. ملساء، ميساء، أخاذة بالألباب.. عيناها يا سبحان الله، تزفان العسل بإغراء لا يمكن أن يشبهه أي إغراء.. شفتاها.. كفاها.. شعرها؟؟ لا يستطيع أن أصفها كما يجب .صورتها أحلى من أي وصف أو تعبير..
حتى أبرع الشعراء، لايستطيع إيفاءها حقها مهما أوتي من مقدرة على الوصف ..
قبل أن أراها ..كان كل شيء يسير كما كان من قبل.. اخرج من البيت.. أودع الزوجة بقبلة صارت مع مرور الزمن باردة لا تمثل أي معنى.. أحياناً تتبعني الزوجة حتى الباب.. أودعها بتلويحة من يدي.. أضحك بافتعال ممجوج.. تضحك هي بآلية.. وبعد أن تغلق الباب ورائي، تذهب - كما اعرف تمام المعرفة إلى المطبخ لتبدأ دورة يوم جديد.. تجلي.. تمسح.. تغسل.. تطبخ.. وفي بعض الأيام الاستثنائية ربما، تمشط شعرها، وتضع بعض الزينة.. لكنها في كل الأحوال، تصل إلى آخر النهار منهكة متعبة، لترمي جسدها على الفراش وكأنها تقر بأنها قد كبرت..
اضع خطواتي على الرصيف.. التقي الوجوه التي أصبحت اعرفها حق المعرفة، اتخيل أحياناً أنها وجوه آلية، ذات ملامح جامدة... القي التحية.. اهز رأسي وكأن رقبتي متصلة بنابض كهربائي.. نظراتي تستطيع أن تقول الأشياء قبل الوصول إليها.. وهذا ليس سراً وطنياً أو قومياً على كل حال - أن تصف كل صغيرة أو كبيرة، بعد أن طال التحديق في كل شيء، حتى صار آلياً مع الزمن ..
لاادري كم من السنوات مرت أنا اسير في هذه الشوارع والحارات ..كم من السنوات انقضت، وأنا القي التحيات التي لا تتغير.. المفردات هي هي، بموسيقاها، بنبرة الصوت، بصورة الحروف... صحيح أن كثيرين من الذين اعرفهم قد تغيروا، وتبدلوا، من شباب إلى شيوخ، ومن أطفال إلى شباب.. وهناك من ترك هذه الحياة، ورحل.. لكن حين ادقق في المعنى الحقيقي للأشياء، ارى أن الزمن حبيس لحظة واحدة، تعيد الصور وتكررها إلى ما لا نهاية..
غريب أن افكر بكل هذه الأشياء الآن، غريب حقاً أن تنفلت الصور رغم رتابتها هكذا دفعة واحدة.. هل كان علي أن انظر بكل هذا التحديق المخيف إلى سنواتي التي مضت؟؟ كنت ارى كل شيء مناسباً، أو على أقل تقدير، كانت الأمور مريحة.. ما كان علي أن افكر، مجرد تفكير، بما يحدث.. كانت الأيام، الشهور، السنوات تمر... كل شيء يمر.. الأولاد يكبرون.. الزوجة تقف أمام الباب وتلوح بيد باردة.. ودائماً، امضي برتابة.. اضع خطواتي على الأرصفة.. الشوارع.. الحارات... كل شيء كان ثابتاً، هادئاً ، محايداً.. وقد تعود.. فلماذا تغير كل شيء الآن؟؟
عندما اعرف عن الأشياء التي تصبح ذات وقع محدد.. عن الأنفاس التي تتردد برتابة ونظام... وقتها، اشعر بالاختناق، ينقبض صدري.. تضيق شراييني.. حاولت أن اسحب نفساً طويلاً، فما استطعت .كأن الهواء عندها لم يكن كما كان دائماً.. لكن الأزمة كانت عابرة.. مر كل شيء وانقضى لتعود الحياة إلي سيرتها الأولى...
وهاانا الآن اقف عند مفترق طرق.. ما تعودت أن يكون هكذا.. هل غيرت الحياة سيرتها فجأة؟؟ في العشرين كانت.. جميلة مثل حلم.. رائعة مثل خيال جامح.. البدر يغار منها.. فجأة أخرجتني من رتابة الأيام، وأصرت على الانزراع في دقات قلبي.. .. صفعت كل شيء وقلبته... . انسحبت كل الأشياء القديمة وسقطت مثل أوراق صفراء من ذاكرتي... وكنت قد تجاوزت الاربعين بتسع سنوات ونصف ..كانت في العشرين.. مثل طيف أو خيال، أو سحر مرت.. أسرعت، فأسرع ثلج السنوات يذوب.. الشمس تسطع في سماء المفرق وتطلق العنان لكل خيالات وصور الجمال.. شعرها مثل شلال.. موسيقى.. التفتت... نظرت في عيني، وضحكت.. عندها قهقهت سنوات العمر فرحاً، وانفلت دولاب الزمن راجعاً إلى الوراء.....
شعرت انني في العشرين.. أو الثلاثين ..نظر بعض المارة إلي، فما اهتميت.. كان كل ما لدي من شوق وحب وجوع، يعود إلى أيام مضت ايا خلت.. قلبي ينبض بالحياة والحيوية والشباب... لا شيء يشبهني عيناها تنقطان عسلاً ودفءاً، شفتاها تطلقان أصفى ضحكة في هذا الوجود.. صرخ صوت في داخلي: " الحياة رائعة.. لماذا نصر على أن ننظر إليها بكل هذا الملل والقرف ؟؟"
واقول" لماذا لماذا...؟ ننهي أعمارنا قبل النهاية بكثير.. ونسير في الشوارع داخل جثث.. كأننا داخل علب منتهية الصلاحيه... اليس هذا حرام..."..
كانت في العشرين... اقتربت.. الخطوات تطرق الشارع على خط واحد.. قلت:" ما اسمك "؟؟ رن السؤال واستطال مثل موسيقى مشاغبة.. كانت في العشرين، ووقفت.. كنت في أجمل ساعات العمر، ووقفت ..وقف العالم كله.. السيارات الإشارات الوجوه الخطوات. وحدها كانت أميرة الزمان والمكان.. في عيني تماماً نظرت.. احمرت وجنتاي... لأول مرة منذ فترة طويلة، طويلة، تحمر وجنتاي... قلبي المتعب، أو الذي كان متعباً من قبل، أخذ يرقص رقصة جميله تهز كياني لا مثيل لها... بلعت ريقي كأنني طفل في ساعة امتحان... . قلت:" ما اسمك بالله عليك .. نظرت إلي وفي عينيها كل الزهور والورود وربيع البساتين، وقالت" لماذا تريد أن تعرف اسمي "؟؟ صوتها عزف ساحر، قلت:" انك رائعة جميلة إلى حد أخاذ.. اسمك لاغير.. اسمك"؟؟ ضحكت، فامتد العمر شواطئ حب لا نهاية لها.. قالت وهي ترسم ينبوع ألق:" أمل اسمي أمل" وانسحبت ..مضت.. لا ادري متى عدت إلى الشارع وإشارات المرور والسيارات والوجوه... كانت قد اختفت.. لكن العبق الساحر بقي في كل مكان.. شعرت أن الحياة تنبض ..أن القلب يضحك.. عندها سرت في الشوارع والحارات وانا اغني واصفر واضحك.. وكانت ابتسامتي ترتسم على الشفتين وردة لا تعرف الانطفاء...
هل جف نبع الحب لدينا نحن الاربعينيون والخمسينيون الا يحق لنا ان نحب ام مضت بنا السنون
الا يعلموا انا وفي هذا العمر ان احببنا اخلصنا وسنكون اطفالا بين ايديهن
الا يعلمون باننا سوف نسخر كل ما بقي من حياه لاسعادهن
الا يعلمون باننا لم نعرف يوما الجل والبنطال الساحل ولا اليسا وشيرين
ما رأيكم يا ابناء وبنات الثلاثين والعشرين
القلب اخضر اخضر اخضر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق